مطبخ القصار ج3

ينظر البعض إلى الأكل باعتباره احتياجا بيولوجيا لا علاقة له بالثقافة ولا بالروح.. ولا يوجد فيما يتعلق بالأكل ما يستحق النقاش سوى أن نأكل.. لكن هذه النظرة قاصرة جدًا.. لأن الأكل جزء من ثقافة الإنسان مثلما هو ضرورة يومية له. وهناك كتاب كبار أنتجوا إبداعًا عظيمًا بسبب خبرتهم في الطهي منهم جونتر جراس الحائز على نوبل. نستطيع أن نعرف الإنسان بل ونعرف الشعوب من طريقة الأكل وطقوسه وطرق الطهي والمواد المتوفرة في بيئته.
وفي طبعة بالغة الفخامة تقع في حوالي 250 من القطع الكبير أصدرت مكتبة العجيري، وتوزيع ذات السلاسل النسخة الثالثة من مطبخ القصار، متضمنًا مجموعة متميزة من الأكلات الكويتية والعربية والعالمية، وصفها باللغتين العربية والإنكليزية، إضافة إلى مجموعة من الصور المتميزة عالية الجودة والتي تصلح وحدها فاتحًا للشهية.
بالطبع أكثر الصور للقصار نفسه لكن أول صورة تلفت نظرنا كانت لوالدته التي كتب لها إهداء رقيقًا: أمي موزة.. أهدتني الحياة وعشت في حضنها أجمل سنين عمري. لم تبخل بعطائها وحبها ورافقت نجاحي بابتسامة ملأها الحب والرحمة. أتاها السرطان ولم تعترض على مشيئة الرحمن. هدها المرض وازدادت رضا وإيمان. علمتني في مرضها أن القوة تكمن في الروح والجسد ضعيف وفان. علمتني أن العطاء والمحبة يشكلان كيان الإنسان. رحلتي عن دنياي وتركت لي حبا ورضا وذكرى اقتات بها الباقي من أيامي».
هل تعلم القصار حب الطبخ من والدته؟ لا توجد إجابة واضحة لكن المؤكد أنه فن وهواية يبرع فيها بعض الرجال. وفي مقدمته يعطي لقراءه بعض الملاحظات منها: الطبخ فن ويحتاج إلى حب ومهارة وبقدر ما تعطي وجبتك حباً تعطيك لذة.. لا تخافوا من أخطائكم بل تعلموا منها.
ومن نصائحه المثل الكويتي «عينك ميزان» بمعنى أن تقدير المقادير يخضع لتقدير عينيك.. كما ينصح مثلا بنقع الأرز «العيش» مدة عشرين دقيقة في ماء فاتر وذرة ملح قبل أن يصفى جيدًا.
وراعى القصار البساطة في اختيار وصفاته وترشيد خطوات الطهي في أقل عدد ممكن. ومن الأكلات غير الكويتية التي احتفى بها في هذا الجزء من كتابه: الطنجية المراكشية والقوزي المغربي، والرز الكوبي وكبة البرغل الصينية.
بالتأكيد هو كتاب يناسب تمامًا النساء ونحن على أعتاب شهر رمضان المبارك.