هذا الكتاب الذي نقدمه إليك أيها القارئ العزيز – مذكرات جمال باشا السفاح . يتسم بالأهمية البالغة نظرا لانقسام العرب والمسلمين حول جمال باشا إلى قسمين، كل قسم يختلف عن الآخر تماماً في نظره إلى صاحب المذكرات.
أما الفئة الأولى فتحكم على جمال باشا بالتعصب الشديد ضد العرب، وهي نظرة تمتد من نظرة هذه الفئة لحزب الاتحاد والترقي وتحميله مسؤولية تمزيق الإمبراطورية العثمانية والشرخ الكبير الواسع الذي نشأ بين العرب والأتراك. وأما الفئة الثانية فترى أن جمال باشا لم يقم إلا بما يمليه عليه الواجب في كل مسألة كلف بها، وأنه لم يكن يهدف من وراء أعماله جميعاً إلا البقاء على وحدة طرفي الدولة الأتراك، والعرب.
أما في مذكراته هذه فيظهر مدافعاً عن آرائه وأفعاله باعتباره صاحب المكانة المرموقة في الدولة منذ قيام الانقلاب على السلطنة العثمانية وحتى اغتياله. رجل كان ذا شخصية فذة، ومراكز كبيرة، ومسؤوليات جسام فهو الحاكم العسكري للأستانة، ووزير للنافعة، ثم وزير للبحرية، وقائد لعدة فيالق وجبهات أثناء الحرب العالمية، ومطلع بتوسع على مؤامرات الغربيين الروس والإنكليز والفرنسيين وأطماعهم في التهام هذه الدولة بشتى الوسائل.
يظهر جمال باشا في مذكراته رجل دولة وزعيماً من زعماء الحزب الحاكم لا يوارب، ولا يهادن. يقف ضد كل من تسول له نفسه اغتيال دولته أو انتقاصها. من هنا حمل بعنف على الغرب كل الغرب، وكان من المسلمين مع في شتى أقطارهم. وحمل على الشريف حسين حملة شعواء فاعتبره خائناً وندد بمواقفه واتفاقه مع الإنكليز أعداء الدولة وأعلن عليه الحرب، وأمر بإعدام كوكبة من الشهداء المناضلين السوريين واللبنانيين
هذا الكتاب من أهم كتب المذكرات بالنسبة لكل عربي يكشف عن أمور ما تزال
مخفية عن كثير من العرب.
