نفذ
تشتغل رواية “في حضرة العنقاء والخل الوفي” على سؤال بقدر ما تبدو الإجابة عنه بديهية بقدر ما تظهر صعبة عند الوقوف عليه وهو السؤال الذي سأله “إسماعيل فهد إسماعيل” في ما وراء الكلمات والشخصيات والمواقف، “.. شاغلني سؤال حاد ما زال يجول داخل رأسي. أيّهما مرهون بالآخر وثيقة تملك بيت أم وثيقة انتماء لوطن”. ويحاول الإجابة على هذا السؤال في سياق قرائي يرسم له طريقاً واضحاً رغم صعوبته. على المستوى النصي، تبدأ الرواية بالشجن وتنتهي به، وعلى المستوى الوقائعي، تبدأ الرواية، بين الحياة كما عاش إسماعيل فهد إسماعيل وقائعها فعلاً، وبينها كما يريد أن يعيش بعض مواقفها، وبين ما يتوقع أن تكون، وبين البداية والنهاية يقحم الروائي عالم المجتمع الكويتي من خلال قضية “البدون” ويقاربها روائياً محاولاً وبكثير من الشفافية ملامسة الجانب الذاتي لهذه الفئة من الناس من خلال كائن واحد لا يمكن النظر إليه باعتباره النموذج بل باعتباره الحالة الخاصة. ولعل ذلك ما دفع بالروائي إلى إطلاق صفة ابن أبيه على بطله “منسي”، “… ولأنه لم يعرف اسم أبي بعد التفت إلي، حشرجتي باقية همساً. لم أسمع. بدرتْ عن محمد السريع ضحكة مرحة. نُطلق عليه اسمه الفني المنسي بن أبيه. منذ حادثتي هذه صرت ابن أبيه…” وبهذا يكون الروائي قد أطل من خلال الخاص على العام، وفي الحالين، ثمة فضاء روائي متعدد، متشعب، متنوع، وفي الوقت نفسه ثمة بيئة روائية تحتضن هذه المأساة لمواطنين ما زالوا يعيشون “بدون” جنسية تثبت انتماءهم لوطنهم قانونياً، وما ينجم عن ذلك من علاقة ملتبسة يغلب فيها سؤال الهوية، لتلك الشريحة المنسيّة، فإلى أي وطن ينتمي هؤلاء؟! وهل الوطن معنى يقتصر على هوية نحملها أم ما نشعر به تجاه هذا الوطن. سؤال برسم الإجابة؟ والجدير ذكره أن هذه الرواية هي ضمن القائمة الطويلة للروايات المرشّحة للجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر 2014).
التعليقات
مسح الفلاترلا توجد مراجعات بعد.