فرويد ونشأة الدين اليهودي

رؤية نقدية لكتاب ” موسى والتوحيد” ، قراءة نفسية دينية للمشاعر الإنسانية
هل اليهودية رسالة سماوية توحيدية في الأصل ؟ أم إن تصورها لله الواحد تصور مستعار من معتقدات بشرية أخرى؛ كعقيدة الفرعون المصري (أخناتون) على وجه التحديد؛ كما يذهب إلى ذلك العالم السيكولوجي سيجموند فرويد في فرضيات كتابه (موسى والتوحيد)؟ وما حقيقة هوية نبي الله موسى (عليه السلام) اسما وأصلا؟ وكيف بعث روح اليهودية في نفوس أتباعه؟ وكيف صنع منهم شعبا مختارا بخصائص تكوينية ونفسية ودينية متفردة؟ وهل استطاع اليهود الحفاظ على هذا التصور التوحيدي – أيا كان مصدره ومنشؤه – أم تراهم عرضوه للشوائب الوثنية والتأثيرات الخرافية؛ وأفقدوه جوهره الخالص الأسمى؟ وما هو ؛ مرة أخرى؛ مصدر تلك الشوائب؛ وما مدى تأثيرها في المعتقد اليهودي الأصلي؟
يحاول هذا الكتاب الإجابة عن هذه الأسئلة ما وسعته الشواهد والقرائن؛ بهدف الخلوص إلى تصور محدد ومركز أقرب إلى الحقيقة لقضية نشأة الدين لدى اليهود، قد يتفق في بعض عناصره مع تصور فرويد؛ وتصور أشياع مذهبه وأطروحته، وقد يختلف معها في معالجة بعضها الآخر. كما يحاول الوقوف عند مفهوم التوحيد كما يراه هذا المفكر بوصفه أحد كبار أقطاب التحليل النفسي ورائدهم دون منازع؛ من منطلق كونه ممارسا سيكولوجيا من جهة؛ وعلما من أعلام الفكر والتاريخ اليهوديين من جهة ثانية، وذلك من خلال تفكيك نظريته التي عرضها في كتابه المشهور والمثير للجدل والاستغراب (موسى والتوحيد)؛ وتلخيص مكوناتها التاريخية منها والنفسية تلخيصا مكثفا وحسب ما تقتضيه طبيعة الموضوع وزاوية تناوله ومعالجته.