لا تساورنا الشكوك في أنّ الخطر الحقيقي الذي يتهدد عصرنا الحالي هو استسلام النخب السياسية والفكرية والحساسيات المدنيّة إلى سطوة الجماهير الافتراضية ونزعاتها الشعبويّة الهدّامة ولهذا تحديداً يبدو لنا كتاب “سيكولوجيّة الجماهير” مدخلاً راهنيّا، من بين مداخل أخرى، لفهم نفسيات هذه الجماهير الخفيّة وطرائق تفكيرها وتحرّكها في المجالين الواقعي والافتراضي.لذا نقدم لكم ترجمة جديدة للكتاب. سيكولوجيّة الجماهير للمؤلف غوستاف لوبون ،ترجمة عن الأصل الفرنسي وليد أحمد الفرشيشي
العنوان الأصليّ باللغة الفرنسية
PSYCHOLOGIE DES FOULES
Gustave LE BON (1895)
صدر كتاب “سيكولوجية الجماهير” أو “علم نفس الجماهير” لصاحبه غوستاف لوبون 07 ماي 1841 – 13 ديسمبر 1941؛ طبيب ومؤرخ (فرنسي) في العام 1895، وسط أجواء سياسية مشحونة وتغيرات جيواستراتيجية قلبت فرنسا، بل والقارة الأوروبية العجوز برمتها، رأساً على عقب.
ولقد أثار الكتاب ضجة كبيرة في فرنسا لحظة صدوره بسبب ما تضمنه من أفكار رأتها النخب الفرنسيّة غريبة وغير معقولة، حتى إنّها شنت حملة على صاحبها الذي كيلت له الاتهامات من كل حدب وصوب. على أن ما فات معاصريه وقتها أن غوستاف لوبون أتيح له أن يشهد انتصار العلم في أواخر القرن التاسع عشر وأزمات الأنظمة الديمقراطية البرلمانية وبزوغ نجم الاشتراكية، ثم ظهور تلك القوى الشعبية التي رافقتها، وهو ما أقلقه كثيراً وحرّضة على وضع كتاب يختزل رؤيته لتلك القوة الهادرة الجديدة، قوة الجماهير. كانت الجماهير قد أصبحت بالنسبة إليه حقيقة واقعة فعمد إلى تناولها بالدراسة معتمداً نهجاً علميًا صارماً قائماً على آخر خلاصات علم النفس. ومن ثمة دفع بفرضيّة رئيسية تقول إن ما عاشته فرنسا من كوارث وهزائم وتقلبات في فترات تاريخها القريب، ولا سيما إبان الثورة الفرنسية، يعود إلى صعود الجماهير إلى مسرح التاريخ هذه القوة الضاربة المجهولة من الجميع، ومن ثمة فإن ما تعيش ه الديمقراطية الفرنسية ونظامها البرلماني من صعوبات وتقلبات ما هو إلا نتيجة حتمية لجهل النخب بنفسيات الجماهير وطرائق توجيهها وإغوائها.
وإذ ووجهت هذه الأفكار بمعارضة شديدة في حياة غوستاف لوبون، إلا أنها أضحت اليوم أفكاراً مقبولة من الكل، بل وتحوّل الكتاب إلى مرجع سياسي مهم تقبل عليه الأنظمة السياسية المختلفة بالدرس والتمحيص، فما احتواه من أفكار ونظريات، يناسب كل الشعوب والأعراق والثقافات والأيديولوجيات في كل مكان من العالم.
التعليقات
مسح الفلاترلا توجد مراجعات بعد.