«نجحت الدبلوماسية الكويتية في الحفاظ على الاستقلالية وتحقيق التوازن في السياسة الخارجية، وقد اتسمت الدبلوماسية على مدار تاريخها بانطلاقها من أرض راسخة ومن سياسة حكيمة، إذ نجح شيخ الدبلوماسية وعميدها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في تأسيس السياسة الخارجية على أسس راسخة وعلاقات متوازنة مع الأطراف كافة، وهو ما انعكس على تمكن الكويت من وضع نفسها في قائمة الدول المهمة».
ما بعد الاستقلال
هذا بعض ما يقوله الدكتور عبدالرضا علي أسيري، استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، في كتابه الصادر حديثا «سياسة الكويت الخارجية (1991 – 2016): إنجازات الماضي… تحديات الحاضر… وآفاق المستقبل»، الذي يلقي الضوء على السياسة الخارجية للكويت منذ نشأتها حتى الوقت الحاضر، مع التركيز بصورة تفصيلية على فترة ما بعد الاستقلال.
الكتاب مقسم الى عشرة فصول، يبين المؤلف في أولها ان هناك ثلاثة عوامل لعبت دورا محوريا في صناعة السياسة الخارجية، هي: الموارد الاقتصادية الوطنية، بنيان النظام الدولي وطبيعة النظام السياسي.
ويلقى الضوء في الفصل الثاني على سياسة الكويت الخارجية قبل الاستقلال، حيث كانت سياسة متوازنة أسهمت في حماية المصالح الذاتية و تعظيمها والحفاظ على خصوصية الكويت الوطنية وشخصيتها.
تطوير وتوازن
ويبين في الفصل الثالث ان الكويت سعت في سياستها الخارجية بعد الاستقلال، الى ضمان سيادتها على أراضيها وتحقيق التكامل الاقليمي، في ضوء التهديدات التي فرضها العراق على الكويت عقب الاستقلال، وان نجاحها تطلب جهودا دبلوماسية مضاعفة وتنويعا في الأدوات وتحقيق توازن مع مختلف الأطراف.
ولأن جريمة الغزو العراقي شكلت نقطة تحول مهمة في سياسة الكويت الخارجية، خصص المؤلف الفصول التالية لعرض هذه السياسة منذ التحرير حتى الوقت الراهن، في دوائرها الخليجية والعربية والإقليمية والدولية، حيث اتسم النشاط الكويتي بالفاعلية في السياق الخليجي، وبرز الدور الكويتي في رأب الصدع الخليجي، مقابل حالة من الانكفاء والتراجع في مواجهة القضايا العربية لم تستمر طويلا، واتسمت سياسة الكويت الخارجية تجاه تركيا وايران بتغليب الاعتبارات البراغماتية، كما اتسمت تجاه القوى الدولية الكبرى بالتوازن وتطوير العلاقات الاقتصادية..
ويلخص المؤلف ابرز سمات سياسة الكويت الخارجية على النحو التالي: إنسانية التوجه، متوازنة على مختلف الأبعاد، عالمية الطابع، إقليمية الميل والتوجه، نشطة التحرك خاصة في إطار ردة الفعل ازاء القضايا المستحدثة والأزمات المختلفة، فعالة وواقعية في تحقيق أهداف البلاد خاصة في الفترة التي أعقبت العدوان العراقي عام 1990، توظيف القوى الناعمة مع غياب عناصر القوى الصلبة.
ما بعد الربيع العربي
يحدد المؤلف في الفصل الأخير التحديات التي تواجه سياسة الكويت الخارجية، وهي على الصعيد الداخلي: تراجع أسعار النفط، التماسك الاجتماعي والاستقرار السياسي. اما على الصعيد الخارجي فهي: ثورات الربيع العربي وتبعاتها، انتشار الإرهاب الدولي، عدم الاستقرار الإقليمي وصعود اليمين المتطرف في الولايات المتحدة وأوروبا.
ما المطلوب استراتيجيا؟ يحدد د. اسيري ثلاث قواعد عامة من أجل سياسة خارجية فاعلة، هي: مأسسة السياسة الخارجية، قدسية سياسة الحياد الإيجابي وتفعيل دور الدبلوماسية الشعبية.
التعليقات
مسح الفلاترلا توجد مراجعات بعد.