تأخذنا الرواية إلى أحد الأزقّة المتفرّعة من حارة الصنادقية بمنطقة الحسين بحي الأزهر الشريف بالقاهرة، وهو زقاق المدق، لنسمع حكاية هذا المدق وحكاية أهله؛ وهم رضوان الحسينى ذو الطلعة البهية والقلب الطيب المؤمن بقضاء الله وقدره الذى خسر كل أولاده وسلم أمره لله بنفس راضية محبة،المعلم كرشة صاحب قهوة الزقاق صاحبة المشهد الأول الذى يعرفنا بكل أبطالنا وهو شخص يتاجر فى المخدر تدفعه شهواته ليستسلم للداء الوبيل كما وصفه نجيب محفوظ بعد أن كان شاب يشارك فى الثورة عام ١٩١٩،الشيخ درويش مدرس اللغة الإنجليزية يتسم بالنظرة الثاقبة وخفة الظل ،عباس الحلو صاحب محل الحلاقة العاشق الذى لديه كامل الاستعداد لفعل أى شئ من أجل حبه،سنية عفيفى مالكة البيت الثانى الذى تتزوج وتعيش تعيسة حتى يموت زوجها،زيطة صانع العاهات الذى وصف نجيب محفوظ رائحته الكريهة حتى أن أهل الزقاق كانوا يحاولون تجنبه،وبالطبع حميدة وهى التى تركز الأحداث عليها فهى تعتبر العمود الرئيسى للرواية …
كما عرض شخصية من خارج الزقاق وهى شخصية فرج التى رسمها نجيب محفوظ ببراعة فجعلها كالثعلب المكار الذى يحوم حول الفريسة حتى تسقط ويحين وقته لافتراسها …
جميع أحداث الرواية تدور في بيتين من بيوت زقاق المدق ، البيت الأول يمتلكه السيد رضوان الحسينىي ذو الطلعة البهية ذو لحية صهباء يشع النور من غرة جبينه، وتقطر صفحته سماحة وبهاء وإيماناً، يصف لنا الكاتب حياته: وقد كانت حياته خاصة في مدارجها الاولى_ مرتعا للخيبة والألم، فانتهى عهد طلبه للعلم بالأزهر بالفشل، وقطع بين أروقته شوطا طويلاً من عمره دون أن يظفر بالعالمية، وابتلى_إلى ذلك_ بفقد الأولاد فلم يبق له ولد على كثرة ما خلف من أطفال. ذاق قلبه الخيبة حتى أترع باليأس ومن دجنة الأحزان أخرجه الإيمان إلى نور الحب، وفرغ حبه للناس جميعا. في البيت الثاني الذى تملكه الست سنية العفيفي إمراة يقارب عمرها الخمسين، يبدو جسمها جاف نحيل كما تصفها نساء المدق، كانت الست سنية عفيفي قد تزوجت في شبابها بصاحب دكان روائح عطرية، ولكنه كان زواجا لم يصاحبه التوفيق، فأساء الرجل معاملتها، وأشقى حياتها، ونهب مالها، ثم تركها أرملة منذ عشرة سنين. ولبثت أرملة كل تلك السنين لأنها على حد قولها كرهت الزواج، مع تمنيات ” مكتبة لسان العرب ” لقرّائها وأحبّائها ومتابعيها الكرام بالقراءة الممتعة النافعة..
التعليقات
مسح الفلاترلا توجد مراجعات بعد.