جديد
من مقدمة المؤرخ جواد علي: “تاريخ العرب في الأندلس صفحة مهمة من صفحات تاريخ الغرب والشرق. ففي الأندلس تلاقت عقليات بشرية مختلفة، عقلية جرمانية وعقلية لاتينية وعقلية عربية إسلامية وعقلية أفريقية قديمة مثّلها البربر في الأندلس خير تمثيل. وفي الأندلس كانت أسواق تعرض فيها مختلف أنواع السلع البشرية تمثّل كلّ سلعة من هذه السلع ثقافة خاصة وتفكيراً معيناً استطاعت أيدي الصانع العربي أن تمزج بين هذه البضاعات فتنتج منها نتاجاً عجيباً في بابه طريفاً، أثر في كلّ ناحية من نواحي الحياة الإسلامية الجديدة في الأدب وفي الاجتماع وفي السياسة وفي الحياة الاقتصادية، بل وفي حياة الناس الدينية أيضاً.
لذلك فدراسة هذا التاريخ من الدراسات الشائقة الطريفة التي تبعث في نفس القارئ السرور والحبور والميل إلى التتبع المستمر، وقد تعوّدنا أن نقرأ هذا التاريخ في مصادره العربية الأولى وتكاد تكون من أقلام أهل الأندلس أو شمالي أفريقية. وقد صيغت بقالب أدبي بارع يختلف كثيراً عن صياغة أهل المشرق، فيه سجع كثير يبلغ أحياناً حدّ التكلّف، وفيه شعر وبلاغة يبلغان أحياناً حدّ الإفراط فيذهبان بالغاية التي وضع الكتاب من أجلها. أمّا المصادر النصرانية المكتوبة باللغة الوطنية لسكان أهل الأندلس القدماء أو باللاتينية فلم تجد لها في نفوس العرب محلاً ولا مقاماً، كما لم تجد المصادر العربية في نفوس قدماء الأندلس ومؤرّخي أوروبا ترحيباً واستقبالاً حتّى في العهد الذي عكف فيه المستشرقون على دراسة تاريخ العرب والإسلام. وما الذي يجده المستشرق القديم في تاريخ عرب إسبانيا من هوى وهو لا يريد إلّا نقاط الضعف ليوجه إليها سهام النقد والتعريض.
وشاء المستشرق النمساوي يوسف (جوزيف) أشباخ (J. Aschbach) أن يخصّص معظم وقته بدراسة تاريخ العرب في الأندلس مستفيداً له من المصادر العربية والمصادر الأوروبية معاً، فكتب في ذلك كتابين يحتوي كلّ كتاب منهما على جزأين، خصّص الكتاب الأوّل بتاريخ الأمويين في الأندلس وخصص الكتاب الثاني بتاريخ إسبانيا والبرتغال في عهد المرابطين والموحدين حتّى سقوط آخر دولة عربية على أيدي الإسبان.” كتاب تاريخ الأندلس في عهد المرابطين والموحدين من جزئين في مجلد واحد.
التعليقات
مسح الفلاترلا توجد مراجعات بعد.