جديد
تصنعه أحلام الفقراء والبسطاء، وتضع فيه كل آمالها في أن يقضي لها على الظلم، والخيانة والفساد والمفسدين، فهو بطلها المخلص، ومنجدها في وقت الشدائد.. إنه “البطل الشعبي” الذي ترسم ملامحه القريحة الشعبية وفقاً لما تراه محققاً لأحلامها، مستوفياً الشروط والمواصفات التي يحلم بها الضمير الجمعي للبسطاء، وتصيغه المواهب الفذة للرواة الشفاهيين للسير الشعبية، وهؤلاء الأبطال أحيانًا ما يكونون مختلقين، ولا وجود لهم إلا في الحواديت والحكايات.
ولأن القصص الشعبي له تأثيره السحري في العقول، فقد أثرت القصص والحكايات الشعبية في أجيال وأجيال من القراء وتربعت على عرش خيالهم، وتعد بلادنا العربية منبعاً خصباً وغنياً بالقصص والحكايات التراثية التي اعتدنا سماعها، وهي ما تحرص “دار المعارف” على تقديمه في سلسلة “القصص الشعبي” من خلال عرضها لأبرز وأهم قصص التراث الشعبي والسير الشعبية.
عنترة بن شداد
أعظم القصص العربية وأجدرها بأن تسمى إلياذة العرب؛ لذا أقبل القراء عليها وشغفوا بها، ليس لأنها تناولت الخيال المطلق الحر فحسب، بل جاءت مشتملة على حوادث تاريخية واجتماعية وعاطفية، لا تخلو من مبالغة أو تحريف أو كذب، وتصوير حي لحياة الصحراء، فترى فيها الأعراف والتقاليد بين القبائل فهناك حقد يشع مكراً ودسيسة، وهناك مفاجأة مباغتة، وهذه غارة تشن، وتلك رحلات بعيدة، وهؤلاء فرسان يقتتلون إلى غير ذلك مما ورد فيها.
وقد جاءت بطولة عنترة في القصة من النوع النادر الذي يفوق حد التصور فهو مارد من المردة تخشاه الجن، ومشتت للجيوش ما بارزه أحد إلا أذاقه موتاً أو أسراً، وما كانت شجاعته لتخرجه عن حدود الحكمة والتروي وحزم السياسة إلى التهور والمشقة العمياء، فهو يقدم حين يجب الإقدام، ويحجم ويُهادن حين يجب الإحجام والمهادنة يساعده في ذلك أخوه شيبوب رأسه المفكر، وعقله المدبر، ودليله الذي يكشف به ما خُفي عنه، ومصباحه الذي يُنير له سُبل الخلاص.
التعليقات
مسح الفلاترلا توجد مراجعات بعد.