هذا الكتاب ليس كتاب تاريخ ولا كتاب سياسة ، وإنما كتاب في القيادة… إنه عمل وبحث في علم القيادة السياسية إن أردنا أن نكون أكثر دقة نحاول من خلاله استعمال تاريخ الثورة الجزائرية والتي تعتبر من أنجح وأقوى الثورات في القرن العشرين، والتي استطاع من خلالها مجموعة من القادة أن يحيوا شعبا بكامله بعدما كان يظن بأن الاستبداد والاستعباد والتقتيل والتهجير هو قدره وهويته.
سوف نكتشف بماذا نجحوا وكيف نجحوا وبماذا تميزوا ومن أين أتوا، حتى يمكننا أن نتعلم منهم ونبني قادة من أمثالهم، وحتى نستخلص الدروس ونتعرف على تلك المفاهيم والمبادئ الأساسية التي يجب اتباعها وتطبيقها لصناعة قادة وحكام قادرين على قيادة الشعوب والأمم والمشي قدما في الاتجاه الصحيح والنهوض بها.
في هذا العمل سنحاول أن نكشف عن تلك الأسرار التي جعلت من شعب لا يزيد تعداد سكانه عن عشرة ملايين نسمة، أغلبيته تسكن الجبال والأرياف، لا تكتب ولا تقرأ، وتعاني الفقر والحرمان والجهل والظلم والاستبداد، قادرًا على تربية وصناعة جيلاً من الأبطال والرجال والنساء، استطاعوا أن يحاربوا قوة مثل فرنسا ويستردوا كرامة وهوية أمة بكاملها ويصنعوا لأنفسهم ولشعبهم وطنا ويؤسسوا دولة مستقلة ذات سيادة…
في هذا العمل سنعرف كيف أن مجموعة من الشباب لا هم بأمراء ولا هم بملوك ولا هم بجنرالات ولا هم من خريجي الجامعات ولا الكليات الحربية العالمية، ومعدل أعمارهم لا يزيد عن الثلاثين سنة استطاعوا أن ينشئوا ويقودوا جبهة تحريرية قوية متماسكة ومنظمة سياسية استطاعت بدورها أن تواجه وتهزم دولة عظمى مثل فرنسا، وتفوز عليها عسكرياً وسياسياً، ودبلوماسيا وأخلاقياً كذلك ….
