ألعاب اللغة : مقدمة في ما بعد النظرية الأدبية

دخل الفتى مرحلة شيخوخته، وهو إذ ينظر خلفه لا ينظر بغضب وإنما برضا مفعم بالنعمة التي كان ربه يقلبه فيها حتى أن فترة إلحاده كانت بعض أنعمه. ولذا لم يشطب على معرفة اكتسبتها يوما، فمهما كان تصنيفها ووصفها تبقى معرفة وليست دوجما، وبما هي كذلك فهي نافعة بمرونتها المفرطة للتحويل، وبقابليتها الفائقة للتوظيف.
وحين يدخل الأستاذ مرحلة الشيخوخة، يفقد بالضرورة القدرة على احتمال أثقال التقاليد الجامعية المرهقة ليصبح حرا منها قسرا أو طوعا.
ولقد ألزمه انتماؤه للمؤسسة الجامعية بالكثير جدا من الإكراهات في كل ما كتب من قبل. ولقد آن أوان التحرر منها، ومقاربة الموضوعات التخصصية بما يشبه المقاربة الفلسفية، أي بالكثير من حرية الفكر والقليل من الأكاديمية، وهو ما يجده القارئ في هذه الصفحات التي كان لابد من تقديمها من خلال سيرة ذاتية وإن كانت مختزلة، فلعلها تقدم بعض الإضاءات على النزعة الفلسفية فيه، إذ كان هاجس الحرية مسئولا عن معاناة الفتى، وها هو يحققها كتابا.
واحتفاء بجلالتها كانت هذه المقدمة – السيرة، ليؤكد أنها دائما ومنذ أوليات الوعي، كانت حلما وعملا وغاية.