جديد
أخذت صورة الجبل والأحراج المحيطة بأشجارها الجرداء تهتز أمام أعيننا، وكأنها ترقص بفرح وهي تشهد عواطفنا الجياشة وتحتفي بها . ثم اشتد هطول المطر، وتدفق الماء نميرًا، فكسا الزجاج بغبش عزلنا عن العالم الخارجي. ران صمت ووجدت نفسي تنتفض من كل همومها، وأصغينا لدقات قلبينا وللألحان التي تجود بها الطبيعة خارج السيارة. وطال مكوثنا في السيارة المغلقة، وبدت لي كوردة أغرقها الندى فتضوع عبيرها وأثملني، وتزاحمت الأشواق كموج من الجبال، ولكنني قاومت بثبات خواطر الشباب.
لكن الزمن لا بد أن يأتي بالعجائب ذلك طبعه وتلك عادته، وجاءت إحدى عجائبه المدوية بين جناحي الطائر المغرد الأزرق. حملها لي بأمانة من الماضي الغالي كطل هبط على قفار أيامي، فحوّلها جنة يانعة انقلبت أيامي بين غمضة عين وانتباهتها، وشحنت بلحظات مسكرة. كنت في المستشفى منهمكا عندما تناهت إلى سمعي نغمات تويتر معلنة استقبال رسالة.
كان جبلا أجا وسلمى يطلان من بعيد وكأنهما يشهدان على حديثا ويوافقانه . شعرت بهالة من الحزن والجمال تملأ المكان. وقفت أتأملهما مستحضرًا قصة العاشقين اللذين دفعا حياتهما ثمنا لحبهما . سألت نفسي : هل يستحق الحب أن يدفع الإنسان حياته ثمنا له؟ وهل يمكنني أن أجد السلام بترك رؤى، أم أن الفراق سيظل جرحًا لا يندمل؟
الرياض جميلتي، ولكنها بدت لي اليوم أجمل الرياض مدينتي التي تسكن كل جوارحي، واليوم، ورؤى تسكنها ، تأسرني أكثر. الرياض في عيدها تجسد السلام والأمان واليوم، وأنا ألقى رؤى يعود لقلبي السلام والدفء . رؤى والرياض ساحرتان خلابتان بلا منازع. أدرك تماما أنهما تأخذان من قلبي ما تشاءان دون جدال أو اعتراض، فليغضب من يغضب، وليرضى من يرضى. من يعادلهما جمالا وروعة وتحررت من قلقي، وبدا لي كل شيء في ذلك اليوم الخالد يقطر عذوبة الشوارع والمباني والبشر، وكذا الهواء والشجر.
وقالت بلا مقدمات:
– أما أن لهذا الحب أن يعتقني ؟! هل يصل ابنتي شواظ من ناره؟ أما آن لحياتي أن تمضي بلا غصص؟!
غلبها الدمع، فأضافت بصوت متهدج وقد ارتفع قليلا في هدأة الليل:
– لقد سئمت معايشة هذا الماضي الأليم أعجب لتلك العواطف. ألم يحن الوقت لتخبو وتتلاشى بمرور الأيام ؟!
التعليقات
مسح الفلاترلا توجد مراجعات بعد.