عشاق العرب : أخبارهم ولياليهم

العشق حالة أو أمر لا يدرك الإنسان طبيعته، حار فيه الفلاسفة والعلماء والشعراء والعاشقون أنفسهم، فلم يتفقوا على تعريف أو حتى وصف دقيق له. وكأنه صورة من النفس التي تسكن بداخل كل إنسان، وعلى قدر التفاوت بين النفوس على قدر الاختلاف في التعريفات، فكل من يصف إنما يعكس حالة خاصة تقترب أو تبتعد من قصة أخرى لشخص آخر، إنه باختصار شيء اسمه العشق.

لكن بالرغم من كل هذا نجد الإنسان إما عاشقا هائما أو يسعى ليعشق وإن لم يكن هذا ولا ذاك فهو يهيئ لنفسه الخيال الذي يسمح له بممارسة طقوس العشق ولو طيفا، وللعاشقين فيما يعشقون مذاهب.

فمنهم من يعشق خيالا، ومنهم من يعشق شهوة، ومنهم من يرتقي فيجتمع بمحبوبه من غير ريبة، فيكون هواهم تعاطي كنوس من غير خمر والتقاء قلوب من غير فاحشة، يجمعهم الحب فينهلون من تبعه، فينسى العاشق الطعام والشراب حتى ينحل جسده ويضعف عظمه، كل ذلك وهو لاهٍ عن نفسه لا يدرك ماذا حل به، وكل ما يطلبه لقاء يجمعه بمن يألفه فيطعمه ويسقيه من حدائق العشق.