ربما ظهرت أزمة الماركسية واضحة منذ الربع الأخير من القرن العشرين، أو حتى بعد الحرب العالمية الثانية. لكن انهيار الاشتراكية هو الذي فتح الباب واسعاً للحديث عن الأمر، أو حتى القول بنهاية الماركسية ذاتها.
فقد ظهر أنها فقدت “روحها” وتحولت الى قوانين” و”مبادئ”، هي تلخيصات مشوهة لأفكار ماركس وإنجلز ولينين باتت هي الماركسية تحت مسميات جديدة مثل الماركسية اللينينية، أو الستالينية، أو التروتسكية، أو الماوية. هذا هو تراث القرن العشرين الذي يدعو الكتاب الى تجاوزه بالضبط لأن هذه “الماركسيات” انكفأت عن ماركس أي تجاوزت المنهجية التي أتى بها وعادت الى المنطق الصوري الذي يقوم على “قوانين” وأفكار يرى الواقع من خلالها، وهي التي تحكم الواقع.
بمعنى أنها أنهت ضرورة فهم الواقع من داخله استناداً إلى المنهج العلمي الوحيد، أي الجدل المادي، الذي هو أهم ما صاغه ماركس متكناً على هيغل و به حقق نقلة مهمة في مسار التطور الفلسفي، تجاوزت منطق أرسطو، المنطق الذي حكم العالم قرون طويلة، ولا زال يحكمه. هذه النقلة هي أس الماركسية بالضبط لأنها تعني “التفكير بمنظور جديد”، هو وحده العلمي، من حيث القدرة على فهم الواقع. ومن ثم التوصل إلى تفسيره، وتحديد آليات تجاوزه. وبالتالي فإن كل المصطلحات والمفهومات والقوانين التي تبلورت منذ ماركس هي الممهد لفعل الجدل المادي ولا يمكن أن تكون بديله.
لهذا كان ضرورياً تفكيك ماركسيات القرن العشرين لكي يجري الانتقال إلى مرحلة جديدة تبدأ بالعودة الى ماركس بالضبط إلى منهجية ماركس، لكي تعاد صياغة الماركسية، ويجري فهم الواقع، ويدرس التاريخ بمنظور علمي، ويعاد بناء مستقبل البشرية الذي ظهر أنه تدمر مع انهيار الاشتراكية، وأقصد الاشتراكية ذاتها، التي هي الممكن والضروري لتطور البشرية.
التعليقات
مسح الفلاترلا توجد مراجعات بعد.