ويعد هذا القاموس الموسوعي سَفرا ممتعا وآسرا في دنيا الترجمة؛ بدءا من عهود اليونان واللاتين القديمة، مرورا بالقرون الوسطى والأنوار، وصولا إلى حقبتنا الراهنة، حيث يعيد المؤلف، عبر أكثر من ألفين وسبعمائة اقتباس وباعتماد مائة مدخل وعشرة، طرح القضايا الكبرى للترجمة، ووصل حلقات السلسلة بعضها ببعض، واستدعاء كل الأطراف إلى مائدة حوار لم يسبق أن التأمت من قبل على مر الأزمنة والعصور وفي كل الأمكنة والفضاءات وبكل الألسنة واللغات، حوار تلتقي فيه الرؤى وتتقابل، تتآلف وتختلف… إنه بالفعل طبق شهي كما يشير إلى ذلك أونري ميشونيك في تقديمه لهذا القاموس، طبق شهي لاعتبارات متعددة يوجزها المترجم في خمسة رئيسة: أولا “لطرافته وجدته وفرادته، لأنه ضرب من الكتابة غير مسبوق في مجال التأليف المعجمي المتصل بالترجمة وقضاياها المختلفة والمتشعبة”، وثانيا لأنه” يؤسس لطريقة جديدة في بناء النظريات، حيث تتبدى النظريات بناءات غير مكتفية بذاتها، غير منغلقة وغير نهائية. إنها منفتحة بعضها على بعض ونسبية”، وثالثا لكونه لا يأسر نفسه في دائرة “اللغة النظرية العالمة ذات البعد التقريري، بل يجمع بين دفتيه الرأي السائد والنظرية والشهادة والرسالة والانطباع الشخصي.
يجمع كلام المنظر والممارس وكلام الشاعر والروائي. ويجاور اللغة العالمة باللغة العادية، واللغة الأدبية ذات البعد الإيحائي باللغة التقريرية”، ورابعا “لكونه يشكل مدخلا مهما وأساسا بالنسبة إلى المهتمين بحقل الترجمة، دارسين وباحثين ومترجمين ونقادا ومنظرين، إذ يقدم إليهم عدة نظرية ومفهومية شاملة”، ويتمثل الاعتبار الخامس والأخير في “كونه يفتح مسارات بحث تتصل بحقل الترجميات تروم تحيين الأسئلة “الكلاسيكية” وإعادة صياغتها، وطرح أسئلة أخرى في ظل التطور الذي عرفته شروط إنتاج المعرفة عموما، وشروط الاقتراب من الدرس الترجمي على وجه الخصوص”
التعليقات
مسح الفلاترلا توجد مراجعات بعد.